من دفاتر القياس إلى عالم التطبيقات: رحلة مثمن العقارات.

الفصل: من دفاتر القياس إلى عالم التطبيقات: رحلة مثمن العقارات
مقدمة:
يشهد قطاع تقييم العقارات تحولاً جذرياً مدفوعاً بالتقدم التكنولوجي المتسارع. لقد ولت أيام دفاتر القياس اليدوية والكاميرات الفورية، وحل محلها عالم من التطبيقات الذكية والبيانات الضخمة. يهدف هذا الفصل إلى تتبع هذه الرحلة من الماضي إلى الحاضر، واستكشاف كيف أثرت التكنولوجيا على عمل مثمن العقارات، وزادت من كفاءته، ودقته، وقدرته على تقديم رؤى قيمة.
أولاً: الأيام الخوالي: حقبة دفاتر القياس والكاميرات الفورية
أ. مشهد العمل في الثمانينات:
في أوائل ومنتصف الثمانينات، كان من السهل التعرف على مثمن العقارات. كان يحمل معه الأدوات التالية:
- لوحة الرسم (Clipboard): لحمل نسخة فارغة من نموذج التقييم الموحد للمساكن (URAR) المكون من صفحتين، بالإضافة إلى أوراق الملاحظات والرسوم البيانية لرسم تخطيطي للعقار.
- أقلام رصاص: بكميات كبيرة لتسجيل الملاحظات والقياسات.
- شريط القياس: لتحديد أبعاد العقار بدقة.
- كاميرا: إما كاميرا Polaroid فورية أو كاميرا 35 مم.
ب. يوم في حياة المثمن:
- اليوم الأول:
- المعاينة الميدانية: يتوجه المثمن إلى العقار، ويلتقط صوراً للواجهة الأمامية والخلفية والشارع. ثم يبدأ بقياس أبعاد المبنى ورسم مخطط تفصيلي على ورقة الرسم البياني. بعد ذلك، يتفقد الجزء الداخلي من العقار ويدون ملاحظات حول التشطيبات والتجهيزات.
- جمع المعلومات: يقضي المثمن بعض الوقت في التحدث مع مالك العقار لجمع معلومات حول أية ترميمات أو تحسينات تم إجراؤها.
- البحث عن العقارات المماثلة: يعود المثمن إلى مكتبه ويبحث في “دفاتر العقارات المماثلة” (Comp Books) عن عقارات مشابهة تم بيعها مؤخراً في المنطقة.
- التقاط صور العقارات المماثلة: بعد اختيار العقارات المماثلة، يتوجه المثمن لالتقاط صور لها.
- اليوم الثاني:
- تحضير التقرير: يقوم المثمن بتحويل المعلومات التي جمعها إلى نموذج URAR نظيف بقلم الرصاص، ويجري التعديلات اللازمة على أسعار العقارات المماثلة لمراعاة الاختلافات بينها وبين العقار قيد التقييم.
- رسم المخطط التفصيلي بالحبر: يرسم المثمن مخططاً تفصيلياً نظيفاً بالحبر على ورقة الرسم البياني لتقديمه مع التقرير النهائي.
- طباعة الصور: يقوم المثمن بتحميض فيلم الكاميرا 35 مم وطباعة الصور.
- التدقيق النهائي: يتم تسليم التقرير إلى السكرتيرة لكتابته، ثم يعاد إلى المثمن لتدقيقه بحثاً عن الأخطاء.
- تجميع التقرير: يتم تجميع التقرير مع الصور وتجهيز نسخة للملفات القديمة (التي يتم تخزينها في منشأة تخزين)، ثم يتم تسليمه إلى العميل.
ج. الخبرة مقابل التعليم:
في ذلك الوقت، لم يكن الحصول على ترخيص تقييم العقارات ضرورياً. كان التعليم محدوداً، ولكنه كان يتكون من فصل أو فصلين دراسيين من إحدى منظمات التقييم المعترف بها أو فصول في كلية المجتمع المحلية. وكان المتطلب المهم حقًا هو الخبرة.
ثانياً: قانون Garn/St. Germaine: نقطة تحول في صناعة التقييم
أ. تداعيات القانون:
مثل قانون Garn/St. Germaine، الذي تم تمريره في الثمانينات، نقطة تحول في صناعة التقييم. هدف القانون إلى تحرير قطاع الادخار والقروض (Savings and Loans) لتمكينها من “المنافسة” في مجالات الإقراض والتمويل الأخرى. سمح القانون لشركات الادخار والقروض بالاستثمار في سندات غير مرغوب فيها (Junk Bonds)، وتقديم قروض شخصية غير مضمونة، والاستثمار في العقارات التجارية والمشاريع التجارية، وأي مشروع محفوف بالمخاطر يمكن أن يخطر ببالهم. وأدى هذا إلى انهيار صناعة الادخار والقروض بحلول عام 1986.
ب. قانون إصلاح وإنعاش وتطبيق المؤسسات الفيدرالية (FIRREA):
أدى انهيار الادخار والقروض إلى إصدار قانون إصلاح وإنعاش وتطبيق المؤسسات الفيدرالية (FIRREA). أنشأ هذا القانون مؤسسة التقييم (Appraisal Foundation) لوضع معايير التقييم. تُعرف هذه المعايير باسم المعايير الموحدة لممارسة التقييم (USPAP).
ثالثاً: التكنولوجيا تحسن الأداء
أ. ظهور الهواتف المحمولة وأجهزة الفاكس:
في منتصف الثمانينات، ظهرت أجهزة الاستدعاء (Pagers) التي تنبه المثمنين إلى ضرورة الاتصال بمكاتبهم. ثم ظهرت الهواتف المحمولة المحمولة، والتي أطلق عليها لقب “الطوب” (the brick) بسبب حجمها الكبير.
كان الاختراع الأكبر هو الحواسيب الشخصية والبرامج المختلفة المصممة لها. ظهرت الكاميرات الرقمية الأولى في هذا الوقت تقريبًا. لقد التقطوا صورًا بالأبيض والأسود فقط.
ج. فقدان الوظائف:
أدى انهيار شركات الادخار والقروض إلى خسارة العديد من المثمنين لوظائفهم. كما أدى ظهور تكنولوجيا الحاسوب إلى فقدان السكرتيرات الكاتبات لوظائفهن. أصبح بإمكان المثمنين كتابة نماذجهم الخاصة، واستقبال الطلبات عبر الفاكس، والرد على هواتفهم الخاصة.
رابعاً: الفرص المتاحة في مجال التقييم
بحلول عام 2005، ارتفعت رسوم تقييم المنازل إلى 550 دولارًا أمريكيًا. كان هذا العصر الذهبي للكثيرين. كان أفضل شيء حدث هو أن الجيل الجديد من المثمنين كان أفضل تعليماً وعلى دراية كبيرة بالتكنولوجيا.
خامساً: من دفاتر القياس إلى عالم التطبيقات: التحول الرقمي في التقييم
أ. التطبيقات والأجهزة الذكية:
أحدثت التطبيقات والأجهزة الذكية ثورة في طريقة عمل مثمن العقارات.
- تطبيقات القياس: تسمح تطبيقات القياس للمثمنين بقياس أبعاد العقار بدقة باستخدام هواتفهم الذكية أو أجهزة الكمبيوتر اللوحية.
- تطبيقات الرسم: تسهل تطبيقات الرسم على المثمنين إنشاء مخططات تفصيلية للعقارات بسرعة وسهولة.
- تطبيقات قواعد البيانات: توفر تطبيقات قواعد البيانات للمثمنين إمكانية الوصول إلى معلومات حول العقارات المماثلة والمعاملات العقارية الأخيرة.
- برامج التقييم: تسمح برامج التقييم للمثمنين بإجراء التحليلات اللازمة لتقييم العقارات وإعداد التقارير.
ب. استخدام البيانات الضخمة والتحليلات المتقدمة:
تتيح البيانات الضخمة والتحليلات المتقدمة للمثمنين الحصول على رؤى قيمة حول سوق العقارات واتجاهاته. يمكن للمثمنين استخدام هذه الرؤى لتقييم العقارات بدقة أكبر واتخاذ قرارات مستنيرة.
ج. التصوير الجوي والمسح ثلاثي الأبعاد:
يوفر التصوير الجوي والمسح ثلاثي الأبعاد للمثمنين إمكانية الحصول على صور عالية الدقة للعقارات والمناطق المحيطة بها. يمكن للمثمنين استخدام هذه الصور لتقييم العقارات عن بعد وتقليل الحاجة إلى الزيارات الميدانية.
د. الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي:
يتم استخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي بشكل متزايد في مجال التقييم. يمكن للذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي أتمتة المهام الروتينية، مثل البحث عن العقارات المماثلة وإعداد التقارير.
سادساً: أمثلة على التطبيقات العملية
أ. تطبيق XYZ للقياس الذكي:
يستخدم تطبيق XYZ للقياس الذكي تقنية الواقع المعزز لتمكين المثمنين من قياس أبعاد العقارات بدقة باستخدام هواتفهم الذكية. على سبيل المثال، يمكن للمثمن توجيه كاميرا هاتفه الذكي نحو جدار، وسيقوم التطبيق تلقائياً بقياس طول الجدار وعرضه.
ب. برنامج ABC للتقييم المتقدم:
يستخدم برنامج ABC للتقييم المتقدم خوارزميات التعلم الآلي لتحليل البيانات العقارية وتقديم رؤى قيمة للمثمنين. على سبيل المثال، يمكن للبرنامج تحديد العقارات المماثلة ذات الصلة بالعقار قيد التقييم، وتقدير قيمة العقار بناءً على البيانات التاريخية.
سابعاً: تحديات وفرص المستقبل
أ. التحديات:
- الحاجة إلى التدريب المستمر: يتطلب استخدام التكنولوجيا الجديدة تدريباً مستمراً للمثمنين.
- قضايا الخصوصية والأمن: يجب على المثمنين التأكد من أنهم يمتثلون لقوانين الخصوصية والأمن عند جمع البيانات العقارية وتخزينها.
ب. الفرص:
- زيادة الكفاءة والدقة: يمكن للتكنولوجيا أن تساعد المثمنين على إنجاز عملهم بسرعة ودقة أكبر.
- تقديم خدمات جديدة: يمكن للتكنولوجيا أن تمكن المثمنين من تقديم خدمات جديدة، مثل التقييم عن بعد والتحليل المتقدم للبيانات.
- تحسين القدرة التنافسية: يمكن للتكنولوجيا أن تساعد المثمنين على تحسين قدرتهم التنافسية في سوق العقارات.
ثامناً: الخلاصة
لقد قطعت صناعة تقييم العقارات شوطاً طويلاً منذ أيام دفاتر القياس والكاميرات الفورية. أدت التكنولوجيا إلى تغيير طريقة عمل المثمنين، وزادت من كفاءتهم ودقتهم وقدرتهم على تقديم رؤى قيمة. من المتوقع أن يستمر هذا التحول في المستقبل، مع ظهور تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي. على المثمنين أن يتبنوا هذه التغييرات وأن يستثمروا في التدريب المستمر لكي يتمكنوا من البقاء في الطليعة في هذه الصناعة المتطورة.
المصطلحات والمفاهيم:
- URAR: نموذج التقييم الموحد للمساكن (Uniform Residential Appraisal Report).
- Comp Books: دفاتر العقارات المماثلة.
- FIRREA: قانون إصلاح وإنعاش وتطبيق المؤسسات الفيدرالية (Federal Institutions Reform, Recovery, and Enforcement Act).
- USPAP: المعايير الموحدة لممارسة التقييم (Uniform Standards of Appraisal Practice).
المعادلات والصيغ:
(تعتبر المعادلة التالية مثالاً، ويمكن استبدالها بمعادلات أكثر صلة إذا لزم الأمر)
-
قيمة العقار = قيمة العقارات المماثلة + التعديلات
- Value of Subject Property = Value of Comparables + Adjustments
- Adjustment = (Characteristic of Subject – Characteristic of Comparable) * Market Price of Characteristic
ملاحظة: يجب أن تعتمد التعديلات على تحليل دقيق للسوق وتستند إلى بيانات موثوقة.
مثال إضافي (افتراضي) حول استخدام البيانات في التقييم:
لنفترض أننا نقوم بتقييم منزل مكون من 3 غرف نوم و 2 حمام في حي معين. وباستخدام قاعدة بيانات تتضمن معاملات عقارية حديثة، يمكننا استخلاص المعلومات التالية:
- متوسط سعر بيع المنازل المكونة من 3 غرف نوم و 2 حمام في الحي: 350,000 دولار.
- كل غرفة نوم إضافية تزيد من قيمة المنزل بمقدار 20,000 دولار.
- كل حمام إضافي يزيد من قيمة المنزل بمقدار 15,000 دولار.
- وجود حديقة يزيد من قيمة المنزل بمقدار 10,000 دولار.
إذا كان المنزل قيد التقييم يحتوي على حديقة، فيمكننا تعديل متوسط سعر البيع ليعكس هذه الميزة:
- قيمة المنزل المقدرة = 350,000 دولار (المتوسط) + 10,000 دولار (حديقة) = 360,000 دولار.
هذا مثال بسيط على كيفية استخدام البيانات في التقييم. في الممارسة العملية، يستخدم المثمنون مجموعة متنوعة من البيانات والتقنيات لتقييم العقارات بدقة.
ملخص الفصل
ملخص علمي للفصل: “من دفاتر القياس إلى عالم التطبيقات: رحلة مثمن العقارات”
يتناول هذا الفصل التطور التاريخي لمهنة تثمين العقارات، وكيف انتقلت من الطرق اليدوية التقليدية إلى الاعتماد على❓ التكنولوجيا الحديثة. يستعرض الفصل المراحل الزمنية المختلفة التي مرت بها المهنة، بدءًا من حقبة الثمانينيات وصولًا إلى العصر الحالي، مع التركيز على تأثير التطورات التكنولوجية والتشريعية على ممارسات المثمنين.
النقاط الرئيسية:
- الحقبة التقليدية: يصف الفصل الصورة النمطية للمثمن في بداية الثمانينيات: استخدام الأدوات اليدوية مثل❓ دفاتر القياس، وأقلام الرصاص، والكاميرات التقليدية (Polaroid أو 35mm)، واعتماد كبير على العمل الميداني واليدوي في جمع البيانات وتحليلها. كان العمل يتميز بالبطء، حيث كان المثمن المستقل يقوم بإجراء 3-5 عمليات تثمين في اليوم الواحد، بينما كان المثمن التابع لمؤسسة مالية يقوم بعملية واحدة فقط. كانت التقارير تستغرق أسبوعًا أو أكثر لإعدادها.
- التأثير التشريعي: يسلط الفصل الضوء على قانون Garn/St. Germaine الذي أدى إلى إلغاء القيود على مؤسسات الادخار والقروض، مما أدى إلى انهيار العديد منها وأزمة مالية كبرى. تبع ذلك إصدار قانون Federal Institutions Reform, Recovery, and Enforcement Act (FIRREA)، الذي فرض تنظيمًا وترخيصًا لمهنة التثمين، وأسس مؤسسة التقييم The Appraisal Foundation لوضع معايير التقييم الموحدة❓ USPAP.
- التطور التكنولوجي: يناقش الفصل كيف ساهمت التطورات التكنولوجية مثل الهواتف المحمولة، وآلات الرد على المكالمات، وأجهزة الفاكس، والحواسيب الشخصية في تغيير طريقة عمل المثمنين. ساهمت الحواسيب في أتمتة عملية إعداد التقارير وتقليل الاعتماد على الموظفين الإداريين. ظهور الكاميرات الرقمية أدى إلى تسريع عملية التقاط الصور وتضمينها في التقارير.
- تغييرات في سوق العمل: أدت الأزمة المالية وإلغاء القيود على مؤسسات الادخار والقروض، بالإضافة إلى التطور التكنولوجي، إلى فقدان العديد من المثمنين لوظائفهم. ومع ذلك، ظهر جيل جديد من المثمنين الأكثر تعليمًا والذين يمتلكون مهارات تكنولوجية متقدمة.
- نظام الإرث والوصايا: يذكر الكتاب أن الدولة تمتلك الحق في استعادة ملكية العقار إذا مات مالكه دون وجود❓ ورثة أو وصية (حالة الوصية). الورثة هم الأقارب الذين قد يرثون دون وصية. تسمح الوصية بمنح الممتلكات الشخصية إلى الموصى له والممتلكات العقارية إلى الموصى له. لا يشترط أن يكون الأشخاص المذكورون في الوصية أقارب للشخص الذي يضع الوصية.
الاستنتاجات:
- شهدت مهنة تثمين العقارات تحولًا جذريًا على مر السنين، مدفوعة بالتطورات التكنولوجية والتشريعية.
- أدت هذه التطورات إلى زيادة الكفاءة وتقليل التكاليف، ولكنها أدت أيضًا إلى فقدان وظائف وتغييرات في سوق العمل.
- أصبح التعليم والمهارات التكنولوجية أكثر أهمية للمثمنين في العصر الحديث.
الآثار المترتبة:
- يجب على المثمنين مواكبة التطورات التكنولوجية والقانونية للبقاء قادرين على المنافسة في سوق العمل.
- يمكن للتكنولوجيا أن تساعد المثمنين على تحسين جودة عملهم وزيادة إنتاجيتهم.
- يجب على المؤسسات التعليمية توفير برامج تدريبية حديثة لتأهيل المثمنين للعمل في العصر الرقمي.
- فهم أساسيات الإرث والوصايا أمر بالغ الأهمية لعملية التقييم، خاصة في الحالات التي لا توجد فيها سجلات ملكية واضحة.
باختصار، يوضح هذا الفصل كيف تطورت مهنة تثمين العقارات من الاعتماد على الأدوات اليدوية والعمل التقليدي إلى الاعتماد على التكنولوجيا❓ الحديثة، وكيف أثرت هذه التطورات على ممارسات المثمنين وسوق العمل.