الوصف القانوني للعقارات: نظام الحدود والأبعاد

الفصل الثاني: الوصف القانوني للعقارات: نظام الحدود والأبعاد (Metes and Bounds)

مقدمة:

تعتبر عملية تحديد العقارات بدقة جوهرية لعمل المثمن العقاري، حيث أن قيمة العقار تعتمد بشكل كبير على مساحته وحدوده. في حين أن العناوين البريدية والأسماء الشائعة قد تكون كافية في الحياة اليومية، إلا أنها غير مناسبة لتحديد دقيق و قانوني للعقارات. لذلك، يعتمد المثمن العقاري على ما يسمى “الوصف القانوني للعقار”، وهو وصف دقيق يحدد حدود العقار بشكل لا لبس فيه.

هناك ثلاثة أنظمة رئيسية للوصف القانوني للعقارات شائعة الاستخدام: نظام الحدود والأبعاد، والنظام المستطيلي (المسح الحكومي الأمريكي)، ونظام القطعة والمربع والرقم. سنركز في هذا الفصل على نظام الحدود والأبعاد، وهو الأقدم والأكثر تعقيدًا.

أولاً: أهمية الوصف القانوني للعقارات للمثمن العقاري

• تحديد دقيق للعقار: يضمن الوصف القانوني تحديد العقار المراد تثمينه بدقة، وتجنب أي لبس أو غموض قد يؤدي إلى تثمين عقار آخر.
• تحديد المساحة: يتيح الوصف القانوني حساب مساحة العقار بدقة، وهي معلومة أساسية لتحديد قيمة العقار.
• تحديد الحدود: يوضح الوصف القانوني حدود العقار بشكل واضح، مما يساعد في تجنب النزاعات الحدودية مع الجيران.
• التحقق من صحة المعلومات: يجب على المثمن العقاري أن يكون قادرًا على فهم الوصف القانوني للعقار والتحقق من مطابقته للواقع، حتى لو لم يكن مسؤولاً عن مسح العقار.

ثانياً: نظام الحدود والأبعاد (Metes and Bounds System)

نظام الحدود والأبعاد هو طريقة لتحديد العقار عن طريق وصف حدوده ومسافاته وزواياه بالنسبة إلى نقطة بداية محددة. إنه بمثابة مجموعة من التعليمات التي يمكن للمساح اتباعها لتحديد حدود العقار.

أ. العناصر الأساسية في وصف الحدود والأبعاد:

يتكون وصف الحدود والأبعاد من ثلاثة عناصر أساسية:

1. نقاط الإسناد❓ (Reference Points):
   • نقطة الإسناد هي موقع ثابت يمكن التعرف عليه، يتم استخدامه كنقطة انطلاق للقياسات.
   • يمكن أن تكون نقاط الإسناد علامات مسح ثابتة (Survey Markers) مثبتة بشكل دائم في الأرض، أو معالم طبيعية مثل الأشجار أو الصخور، أو معالم اصطناعية من صنع الإنسان مثل الأوتاد المعدنية.
   • المعالم الطبيعية (Natural Monuments) هي عناصر طبيعية مثل الأشجار أو الصخور المستخدمة كنقاط إسناد.
   • المعالم الاصطناعية (Artificial Markers) هي علامات من صنع الإنسان مثل الأوتاد المعدنية.
2. المسارات (Courses):
   • المسار هو اتجاه الخط الواصل بين نقطتي إسناد.
   • يتم تحديد المسار بالدرجات والدقائق والثواني من الشمال أو الجنوب.
   • الدائرة الكاملة (Circle) مقسمة إلى 360 درجة (Degrees)، وكل درجة (Degree) مقسمة إلى 60 دقيقة (Minutes)، وكل دقيقة (Minute) مقسمة إلى 60 ثانية (Seconds).
   • الصيغ الرياضية:
     • 1 درجة (1º) = 1/360 من الدائرة
     • 1 دقيقة (1’) = 1/60 من الدرجة
     • 1 ثانية (1”) = 1/60 من الدقيقة = 1/3600 من الدرجة
3. المسافات (Distances):
   • المسافة هي طول الخط الواصل بين نقطتي إسناد.
   • يتم قياس المسافة بوحدات القياس المناسبة، مثل القدم أو المتر.

ب. نقطة البداية (Point of Beginning - POB):

• يبدأ وصف الحدود والأبعاد من نقطة إسناد أولية❓❓ تسمى نقطة البداية (POB).
• تحدد نقطة البداية موقع العقار بالنسبة إلى المسوحات المجاورة في المنطقة.
• في بعض الحالات، قد لا تتطابق نقطة البداية مع النقطة الأولى على حدود العقار الفعلية.
• لذلك، يتم استخدام مصطلح “نقطة البداية الحقيقية” (True Point of Beginning) للإشارة إلى النقطة التي يبدأ عندها وصف حدود العقار الفعلية.

ج. كيفية قراءة وصف الحدود والأبعاد:

• يتكون وصف الحدود والأبعاد من سلسلة من التعليمات التي تصف كل حد من حدود العقار.
• تتضمن كل تعليمات اتجاه المسار والمسافة التي يجب قطعها قبل تغيير الاتجاه.
• يبدأ الوصف من نقطة البداية الحقيقية، ويستمر حتى يعود إلى نقطة البداية الحقيقية مرة أخرى.

مثال:

لنفترض أن لدينا التعليمات التالية في وصف الحدود والأبعاد: “انطلاقًا من النصب الحجري عند تقاطع شارع هيفن وطريق آرو (“نقطة البداية”) في كوكامونغا، كاليفورنيا، اذهب شمالاً 5 درجات و 33 دقيقة غربًا (N 5º 33’ W)؛ 1804 قدمًا إلى الزاوية الثانية من السياج المشار إليها باسم “نقطة البداية الحقيقية”. انطلاقًا من الزاوية الشمالية الغربية من السياج، اذهب جنوبًا 89 درجة و 19 دقيقة شرقًا (S 89º 19’ E)، 2664 قدمًا؛ عند الزاوية الشمالية الشرقية من السياج، اذهب جنوبًا 0 درجة و 32 دقيقة شرقًا (S 0º 32’ E) لمسافة 1302 قدمًا على طول الجدار الحجري إلى الدبوس الحديدي؛ عند الزاوية الجنوبية الشرقية، اذهب شمالاً 89 درجة و 11 دقيقة غربًا (N 89º 11’ W) لمسافة 2550 قدمًا؛ عند الزاوية الجنوبية الغربية، اذهب شمالاً 5 درجات و 33 دقيقة غربًا (N 5º 33’ W) لمسافة 1804 قدمًا للعودة إلى نقطة البداية.”

د. استخدام وصف الحدود والأبعاد في التثمين العقاري:

• غالبًا ما تكون أوصاف الحدود والأبعاد طويلة ومعقدة، مما يزيد من فرص حدوث أخطاء عند نسخها.
• لتجنب هذه الأخطاء، يتم غالبًا تصوير الوصف من الصك أو أي مستند آخر، وإرفاق الصورة كملحق لتقرير التثمين.
• يمكن للمثمنين العقاريين حساب مساحة قطعة الأرض عن طريق إدخال وصف الحدود والأبعاد في برنامج كمبيوتر.
• يمكن للبرنامج أيضًا محاكاة مسح حول حدود العقار❓❓ للتأكد من أن الوصف ينتهي بالضبط عند نقطة البداية.

هـ. التقنيات الحديثة في نظام الحدود والأبعاد:

• أدت استخدام الأجهزة الليزرية (Laser Transit) من قبل المساحين إلى تحديد أكثر دقة للنقاط والاتجاهات والمسافات.
• تم القضاء على عدم اليقين فيما يتعلق بنقاط البداية إلى حد كبير من خلال استخدام علامات الارتفاع الثابتة (Bench Marks)، وهي علامات مسح مثبتة في معالم خرسانية ثقيلة.
• تم أيضًا استخدام تكنولوجيا الأقمار الصناعية من قبل المساحين لتحديد مواقع النقاط.

و. مزايا وعيوب نظام الحدود والأبعاد:

• المزايا:
  • مرونة عالية في وصف الأراضي ذات الأشكال غير المنتظمة.
  • مناسب لوصف الأراضي التي لا تقع ضمن النظام المستطيلي.
• العيوب:
  • قد يكون معقدًا وصعب الفهم.
  • عرضة للأخطاء عند النسخ أو النقل.
  • قد يتطلب مسحًا ميدانيًا لتحديد الحدود بدقة.

ثالثاً: الخلاصة

يعتبر نظام الحدود والأبعاد أداة قوية لوصف العقارات بدقة، ولكنه يتطلب فهمًا جيدًا للعناصر الأساسية والتقنيات المستخدمة. يجب على المثمن العقاري أن يكون قادرًا على قراءة وفهم وصف الحدود والأبعاد، والتحقق من مطابقته للواقع، واستخدامه لحساب مساحة العقار وتحديد حدوده. على الرغم من التحديات المرتبطة به، يظل نظام الحدود والأبعاد أداة أساسية للمثمنين العقاريين في العديد من المناطق.